مع استمرار رفض رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد دبيبة، كافة الحلول التي تطرح لحل الأزمة السياسية وإجراء الانتخابات، يزداد الاهتمام الأمريكي بملف المصالحة وتوحيد المؤسسات الليبية المنقسمة، في مسعى منها لرمي ثقلها على العملية وضمان نفوذها على نتائج هذه الملفات.

الدبيبة وفي آخر تصريحاته أشار فيها إلى رفضه التعديل الدستوري الـ13 الذي أقره مجلس النواب الليبي ووافق عليه مجلس الدولة الاستشاري والذي يعتبر قاعدة دستورية يمكن على أساسه إجراء الانتخابات.

أتى هذا بالتزامن مع اجراء مباحثات بين قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) مايكل لانجلي، ورئيس الأركان العامة بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد، ورئيس الأركان التابع للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي عبد الرازق الناظوري، خلال ندوة رؤساء الدفاع الأفارقة التي عقدت في العاصمة الايطالية روما.

وقال بهذا الصدد المحلل السياسي، محمد الباروني بأن “الولايات المتحدة الأمريكية تحاول استلام زمام المبادرة لتوحيد المؤسسة العسكرية، والتي ستنتهي بتعيين أو تسليم منصب وزير الدفاع أو قائد القوات المشتركة التي سيتم تشكيلها، لشخصية موالية تتبع أوامر واشنطن وتؤمن نفوذها في المنطقة”.

وأضاف الباروني: “الولايات المتحدة تدعم الدبيبة المتمسك بالسلطة والذي يعرقل جهود مجلسي النواب والدولة لإجراء انتخابات وتحقيق استقرار في ليبيا، ومن جهة أخرى تدفع بالمؤسسة العسكرية تحت ستار “مصلحة الشعب الليبي” للوحدة، في تناقض علني ولا يخلو من الشبهات”.

وعلى صعيد آخر شهدت تونس اجتماعًا استأنفت فيه إدارتا البنك المركزي الليبي، اجتماعاتها لتوحيده بعد نحو 8 سنوات من الانقسام بين طرفين، أحدهما في العاصمة طرابلس (غرب)، والآخر في مدينة بنغازي (شرق).

الاجتماع تم أيضًا بمشاركة أمريكية، من خلال ورشة عمل نظمتها الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، التي من المعروف بأنها إحدى أفرع وزارة الخارجية الأمريكية، وواحدة من العديد من الأدوات التي تستخدمها لفرض نفسها بشكل غير سياسي وعلني على مسار عملية ما في دول اخرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، تعتبر من أكبر داعمي الانقسام الذي شهده المصرف المركزي الليبي، وذلك واضح بشكل كبير من خلال دعمها لمحافظ المصرف المركزي (طرابلس)، الصديق الكبير، الذي جعلت من منصبه منصبًا سياديًا، لم يقوى حتى البرلمان عليه، وبالرغم من شبهات اختلاس الأموال وتهم الفساد التي تحيط بالصديق الكبير والتي تملئ سجله، إلا أن واشنطن لم تتوقف يومًا عن دعمه سياسيًا.

وهذا يعتبر دليل آخر على أن سياسات الولايات المتحدة الامريكية في البلاد هدفها الأول والرئيسي استمرار الفوضى، أو استمرار مبدأ “فرق تسد”، لما تشكله ليبيا من خطورة حال استعادت اقتصادها وسيادتها وعافيتها، لأنها تعتبر من كبار الدول الإفريقية المصدرة للنفط، والتي تتجه صادراتها مباشرة إلى أوروبا، السوق النفطية الرئيسية للولايات المتحدة الامريكية.